اتخذ أنصار الحاج مصالي زعيم حركة انتصار الحريات الديمقراطية غداة فاتح نوفمبر 1954 اسم ''الحركة الوطنية الجزائرية'' عنوانا لهم، وشرعوا في محاولة إقناع ''العناصر الضالة'' التي بادرت بتأسيس جبهة التحرير الوطني- ''بالعودة إلى الصف'' علما بأن أغلبية المناضلين بالقاعدة ساندوا الزعيم في خلافه مع الأمانة العامة ومن ورائها معظم أعضاء اللجنة المركزية.
وقد أرسلت قيادة الحركة الجديدة في 31 يناير 1955 رسالة مطولة في هذا الشأن إلى وفد جبهة التحرير الوطني بالقاهرة، تعكس اعتداد المصاليين بتفوقهم العددي، وسوء تقديرهم الواضح للموقف الناجم عن المبادرة التاريخية لجبهة التحرير ليلة فاتح نوفمبر.
تتهم الرسالة بداية وفد القاهرة، بأنه كان وراء المبادرة بإعلان الثورة، وتأسيس جبهة التحرير الوطني، وتسجل عليه بناء على ذلك جملة من المآخذ منها!
1- محاولة ''كمشة من الانتهازيين'' فرض نفسها على ''عدة آلاف من المناضلين''، انضووا اختيارا وطواعية تحت راية ''الحركة الوطنية الجزائرية''..
- بروز جبهة التحرير بشكل عسكري وجهاز واحد (*) يعني نهاية كل تمثيل سياسي وهيمنة العسكري على السياسي''...
- ضرورة وجود واجهة علنية ذات طابع وطني وسياسي، للقيام بالعمل الجماهيري، وإقامة علاقات مع المنظمات الأجنبية، وإجراء المحدثات المحتملة'' (مع العدو).
-جبهة التحرير هيئة وهمية بدون وزن سياسي، فضلا عن كونها صيغة غير مناسبة، بالنظر إلى عدم وجود أحزاب تتقاسم نفس المثل ونفس البرنامج في ظل الاتفاق على وسائل واحدة لتحقيقه.
- الحركة الوطنية الجزائرية صيغة أنسب (من الجبهة)، ولا سيما أن الأمر يتعلق أساسا بتجمع يعني حزبنا (حركة الانتصار) وحده بالدرجة الأولى..
ويزعم كاتب الرسالة أن تجمع مناضلي حركة الانتصار- سابقا- حصل فعلا معنويا ونظاميا داخل الحركة الوطنية.. وأن مواصلة الحديث عن الانقسام ما هو سوى اختلاق من جبهة التحرير لتبرير الدعوة إلى تجمعها..
وبناء على ذلك تدعو الرسالة وفد القاهرة إلى الالتحاق بالعائلة الكبرى ''للحركة الوطنية الجزائرية''..
وبعبارة أخرى فإن ''الجبهة مدعوة إلى الاندماج والذوبان في ''الحركة'' وليس العكس كما جاء في بيان فاتح نوفمبر.
(*) كانت الجبهة بمثابة جهاز سياسي يشكل جيش التحرير ذراعه العسكري.