؟ ''لا تستغرب وقوع الأكدار مادمت في هذه الدار؛ فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها وواجب نعتها''.
جعل اللّه الدنيا دار فتنة وابتلاء، ليعمل كل واحد فيها على مقتضى ما سبق له، ويوفَّى جزاءه في الدار الآخرة، قال الله تعالى: ''ونبلوكم بالشر والخير فتنة'' الأنبياء:.35 وعمَل كل يوم واحد فيها إنما هو مخالفة شهوات نفسه، أو موافقتها، وذلك لا محالة، يستدعي وجود محبوب أو مكروه بفعل أو تركٍ؛ فمن ضروريات الدنيا وجدان المكاره والمشاق فيها. وفي بعض الحكايات عن جعفر الصادق رضي الله عنه، أنه قال: ''من طلب ما لم يخلق أتعب نفسه ولم يُرزق''. فقيل له: وما ذاك. قال: ''الراحة في الدنيا''. فالواجب على العبد أن لا يوطّن على الراحة في الدنيا نفسه، ولا يركن فيها إلى ما يقتضي فرحا وأُنسا. وأن يعمل على قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه أبو هريرة رضي الله عنه: ''الدنيا سجن المؤمن'' أخرجه مسلم. فتوطين العبد على المحن في دنياه يهوّن عليه ما يلقاه. واعلم أن الصبر هو جماع كلّ فضيلة، وملاك كل فائدة جزيلة ومكرمة نبيلة. قال الله تعالى ''وتمّت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا'' الأعراف: .137 وقال الله تعالى ''وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا'' السجدة: .24 وقال عزّ من قائل: ''إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب'' الزمر: .10 وفي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: ''وإن استطعت أن تعمل لله بالرضا في اليقين فافعل، وإن لم تستطع فاصبر، فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، واعلم أن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب، واليسر مع العسر'' أخرجه أحمد 1/.307
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ''أفضل العُدّة الصبر عن الشدة''.