يعود أول تكريم لحفظة القرآن في تاريخ الجزائر المستقلة إلى أكتوبر عام 1973 حيث أسس لهذا التقليد الذي أصبح سنويا الرئيس الراحل هواري بومدين وكان أول المكرمين آنذاك الفتى محمد تاتاي الذي حفظ القرآن وعمره 10 سنوات
والذي تخرج لاحقا في الأزهر الشريف كلية أصول الدين قسم التفسير، يشغل حاليا منصب مدير المركز الإسلامي وخطيب مسجد تولوز بفرنسا.ينحدر محمد تاتاي من أولاد جلال بولاية بسكرة، وهو ابن الشيخ العلامة عبد الحميد تاتاي، العالم الجليل الذي جُبل أبناؤه على حفظ القرآن وعددهم 5 يزاولون مهمة الإمامة.يتذكر محمد تاتاي تلك الاحتفالية التي أقامتها الرئاسة على شرف الحفظة، ويقول بشأن تكريمه "هي قلادة من رأس هرم السلطة آنذاك، الراحل هواري بومدين، وأزعم أن المقلد الحقيقي وقتها هو الشعب الجزائري".
في ذلك العام، كانت بسكرة تابعة لولاية باتنة التي انطلق منها الفتى محمد رفقة عدد من الحفظة نحو العاصمة، أين جمعتهم فجاج الوطن العميقة في إحدى الثانويات لعدة أيام، خضع الحفظة إلى امتحان أشرف عليه أساتذة أزهريون، وكان الحسم لصالحه. إثرها تم حشر المؤهلين للتكريم في حمام بعد أن وزوعوا على حلاقين ومتاجر، حيث قيست لهم الأقمصة والبذلات، وفي ليلة السابع والعشرين رمضان تم نقلهم إلى مسجد الأبيار.
ولما اكتمل الجمع افتتح الحفل بتلاوة سورة القدر ونودي على الفائز الأول محمد تاتاي مع ذكر مسقط رأسه، إثرها يقول الفائز "تسلقت نحو ذلك الجبل الأشم الذي أذهب ما بي من هيبة الزِّمكان والسلطان لطفه وتواضعه، فلم يكتف بمصافحتي، بل أجلسني قبالته وراح يحاورني، ثم سلم لي مصحفا ضخما في صندوق مزين ومزركش، وبداخله ظرف بيدي به ألف دينار".
ولم يقف التكريم بالنسبة إلى محمد تاتاي عند هذا الحد، بل تعداه إلى مكرمة أخرى، وهي اعتماد حفظه للقرآن مؤهلا لقبوله في السنة أولى متوسط من التعليم الأصلي، وهي أول سنة تعليمية في حياته؛ لأنه لم يلتحق سابقا بالمدرسة.
ويصف تاتاي هذا النوع من التعليم بالاسم الذي ينطبق على نفسه ويأسف لإجهاض هذا المنهاج من طرف من أسماهم الاستئصاليين. وبحسبه كان التعليم الأصلي يؤهل لهوية وطنية أصيلة ولإسلام معتدل.
ويوضح محمد تاتاي متحدثا لـ"الشروق" عن الفروق بين تحفيظ القرآن بين الماضي والحاضر.
يُذكر أن محمد تاتاي يقيم وعائلته في تولوز بفرنسا، أين ولد جميع أبنائه، غير أنه ـ كما قال ـ الجميع يحمل هم الاغتراب ويجدد فيهم رمضان الحنين إلى أحلى السنين، حيث شربة الوالدة وخبزها.
وبمناسبة تذكيرنا له بالتكريم الذي خصه به الراحل هواري بومدين، لم يفوت الفرصة ليصف من كان وراءه بالشخصيتين العظيميتن، والده عبد الحميد والشيخ لخضر تاتاي.
...و البرعم زكرياء حفظ 300 حديث في وقت قياسي
تمكن البرعم رابحي زكرياء 12 سنة من حفظ 300 حديث من كتاب عمدة الأحكام من كلام سيد الأنام وكذا الأربعين نووية، في ظرف ثلاثة أشهر. في ذات الوقت، وفي ظرف قياسي فتح الله عليه بحفظ 22 حزبا في عامين. البرعم زكرياء الذي لقبه بعض أساتذته بالبخاري الصغير، نظرا لسرعة حفظه للحديث متنا وإسنادا، وهو شعلة في دراسته وصاحب 18 على عشرين في قسمه بالمتوسطة، يتمنى ختم القرآن خلال الأشهر القادمة، مع أمله في أن يصبح جراحا من رواد مسجد عمر بن الخطاب. وقد بعث برسالة عبر الشروق لكل الشباب في سنه يدعوهم فيها إلى حفظ كلام الله، شاكرا والديه وشيخه نور الدين حيدب.